السؤال:
ما الطريقة المناسبة للتخلص من الطباع السيئة؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم: أخانا في الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بك، وشَكَرَ الله لك ثقَتَك بإخوانك في موقع (المُسلم)، ونسأل الله العلي القدير أن يجعَلَنا أهلًا لهذه الثقة، وأن يتَقَبَل منا أعمالنا وأقوالنا، وأن يجعلَها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها لمخلوق حظًّا، وأن يرزقنا وإياك السداد والتوفيق، وأن يُجري الحق على ألسنتنا، وأن يجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.. وبعد:
اعلم أخي- حفظك الله- أن التخلص من الطباع السيئة يحتاج إلى عدد من الأمور، منها:
1- معرفة واعية بهذه الطباع السيئة، وتحديد أنواعها، ودرجاتها.
2- عزيمة لا تلين، وتصميم لا ينثني، ورغبة صادقة في التغيير، قال تعالى: {... إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}.
3- ترتيب أولويات التغيير حسب الأهمية، أو حسب الرأي القائل بأن البدء بتغيير المنكر الأصل أولى من المنكر الفرع، فننظر في هذه الطباع السيئة المراد التخلص منها، ونحدد أيها أولى بالتخلص، فمثلًا لو إنسانا عنده عدة طباع سيئة، مثل: الكذب، و الجبن، و الخيانة، و الغش، فلو أراد التخلص من هذه الطباع جملة لعجز، ولكنه لو تخلص منها شيئًا فشيئًا لأفلح، ولكن عليه أن يدع الكذب أولا فإنه رأس البلايا، ثم ليدع الخيانة وهكذا...
4- الصبر الشديد على إصلاح نفسه؛ لأن الشياطين- شياطين الإنس والجن- لن يدعوه يصلح نفسه، وسيلتفون حوله محاولين إضعاف عزيمته، وتشكيكه في جدوى التوبة والعودة، بدعوى أنه لا أمل في الإصلاح، ولن تستطيع أن تتخلص من طباعك السيئة هذه فالطبع يغلب التطبع، وووو... إلخ، والحق أن التخلص من الطباع السيئة يحتاج إلى صبر جميل.
5- اعلم أن جناحي الإصلاح والتربية الصحيحة، هما: التخلية والتحلية، ولابد من التخلية قبل التحلية، فلن يتحول الإنسان عن الكذب حتى يتمسك بالصدق، ولن يتخلص الإنسان من الجبن إلا إذا صار شجاعًا، ولن يتم للمرء التخلص من صفة الخيانة إلا إذا صار أمينا، وقد صدق الله إذ يقول: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى}، فقد قدم الله الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله، ولعل هذا ما يفهم من قول: (لا إله إلا الله) فقد نفى الله- سبحانه- الألوهية عن كل أحد ثم أثبتها لله وحده، فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم، وهذا ما يفهم من كلام الإمام ابن القيم- رحمه الله- عندما قال: (من أراد أن يتخلق فليتصنع).
6- ضرورة اللجوء إلى الله والتوسل إليه سبحانه بإيماننا به وبحبنا له وبطاعتنا له، أن يعيننا على التخلص من الطباع السيئة التي تملك علينا حياتنا، وهذا أمر حيوي، إذ من الأهمية بمكان أن نتعلم كيف نلجأ إلى الله وكيف ندعوه أن يكشف عنا، فوثق صلتك بربك واقترب منه بالطاعات والنوافل لتحصل على حبه، فإذ أحبك أرشدك للخير وخلصك مما علق بك من أدران المعصية والخلق الرديء.
7- اتخذ لك ممن تثق بدينهم أصدقاء وقرناء يدلونك على طريق الله، ويذكرونك بربك إن نسيته، ويعينوك على طاعته سبحانه، ويكونوا لك الناصح الأمين، والعين المبصرة، والمستشار المؤتمن، قال تعالى: {الأخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المُتَّقِينَ}.
وختاما؛ أوصيك ونفسي بتقوى الله فإنها خير زاد للمرء في هذه الدنيا، وأخلص العمل يكفك منه القليل، واصدق الله يصدقك، وأسأل الله ليّ ولك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، وأدعوه سبحانه أن يهديك إلى صراطه المستقيم، وأن يرزقني وإياك الثبات على الحق، وأن يصرف عني وعنك شياطين الإنس والجن بحوله وقوته إنه رب ذلك والقادر عليه... آمين.
الكاتب: همام عبدالمعبود.
المصدر: موقع المسلم.